هل تمتلك أسماك القرش العلاج النهائي للسرطان ؟
إذا كنت من المهتمين بمرض السرطان وأنواع العلاجات المتاحة له فالغالب أنك قد وقفت على مثل هذه المعلومة من قبل، ولكن هل حاولت التأكد من مدى صحتها أم أنك قبلتها كباعث للأمل للآلاف من الذين يعانون من هذا المرض؟ الآن عليك أن تقرأ هذا المقال لتتبيَن ما إذا كنت تريد التمسك بهذه المعلومة أو لا.
بداية القصة
ظهرت الفكرة في سبعينيات القرن الماضي عندما لاحظ اثنان من مدرسة جون هوبكنز للطب هما: هنري بريم وزميله فولكمان أن الغضاريف لا يتكون بداخلها أي أوعية دموية جديدة، وتكوَن الأوعية الدموية يعتبر من أهم عوامل نمو الأورام الخبيثة، حيث أن الخلايا التي تنقسم بسرعة غير طبيعية تحتاج إلى المزيد من المواد الغذائية التي تصل إليها عن طريق الأوعية الدموية لإكمال عملية النمو، فكان من الطبيعي أن يبحث الأطباء عن طريقة لمنع وصول الغذاء إلى هذه الخلايا وذلك عن طريق وقف عملية تكوين الأوعية الدموية.بدأت الدراسة على الغضاريف لاكتشاف العناصر التي تتداخل مع عملية تكوين الأوعية الدموية وبما أن جميع الغضاريف تفتقر إلى أوعية دموية في الأساس فتم افتراض أنها تحتوي على بعض الجزيئات أو الإنزيمات التي تمنع عملية تكون الأوعية الدموية، ووجدوا بعد إدخال غضروف من صغار الأرانب بجانب بعض الأورام في حيوانات التجارب أنها تمنع نمو الأورام نهائياً.
بعد ذلك قام باحث بإجراء نفس التجربة مرة أخرى مستخدماً غضاريف سمك القرش بدلاً من غضاريف الأرانب، مُعلِلاً ذلك بكون أسماك القرش أسماك غضروفية في الأصل مما سيجعلها أكثر قدرة على وقف نمو الأورام وكان له نفس تأثير غضاريف الأرانب وتوقف نمو الورم نتيجة لعدم تكون الأوعية الدموية.
العلاج الجديد المستخلص من أسماك القرش و استغلاله في السوق !
في هذه الأثناء ظهر الدكتور ويليام لين الذي سمع عن هذه التجارب ونتائجها واستحكمت عليه فكرة أن تعاطي حبوب مستخلص غضاريف أسماك القرش من الممكن أن يكون علاجا للسرطان.وفي عام 1992 نشر كتابه "أسماك القرش لا تصاب بالسرطان"، بعد ذلك قام لين باصطياد أسماك القرش وصناعة الحبوب التي تحتوي على مستخلص الغضاريف وما زالت شركته مستمرة إلى هذه الأيام، هذا بجانب العديد من الشركات التي أنشأت لبيع غضاريف أسماك القرش على شكل حبوب أو مسحوق كعلاج بديل أو مكملات غذائية، ووصلت قيمة هذا السوق في العالم عام 1995 إلى ما يزيد على 30 مليون دولار، مستغلين بذلك مرضى السرطان الذين يتعلقون بأي سبيل للنجاة من هذا المرض الخطير والذين ليس لديهم الوقت الكافي ليعلقوا آمالهم على أي علاجات طويلة المدى.
في الصورة التالية تُظهر الصور a و b تظهر الورم في الفك السفلي للقرش الأبيض، والصور c و d تظهر عدد من الأورام على ظهر القرش البرونزي:
الحقيقة العلمية
تم تسجيل أول حالة لإصابة الأسماك الغضروفية بالأورام في عام 1953، وأول حالة لسمكة قرش مصابة بورم كانت في عام 1908، منذ ذلك الحين اكتشف العلماء 18 نوع من الأورام الحميدة والأورام السرطانية في 1168 نوع من أسماك القرش، وقام بعض العلماء بفحص عينات من أحد ذكور القرش الأزرق والتي وجدوها مصادفة وكان مصاباً بأورام سرطانية في الكبد والخصية.في عام 2004 قام الدكتور أوستراندر وزملاؤه في جامعة هاواي بنشر دراسته حيث وجدوا 42 نوع من الأورام المختلفة (منها على الأقل 12 نوع من الأورام الحادة) في طائفة الأسماك الغضروفية والتي تضم أسماك القرش، حتى أنهم وجدوا بعض الأورام في الغضاريف نفسها.
مؤخراً لاحظ الباحثون في أستراليا أحد أسماك القرش الأبيض يبرز من فكه السفلي ورماً هائلا والذي بلغ طوله 30 سنتيمتر وعرضه 30 سنتيمتراً أيضا حسب وصف الدراسة التي نُشِرت في دورية أمراض الأسماك Journal of Fish Disease، كما لوحظ عدد من الأورام على رأس وظهر سمكة من أسماك القرش البرونزي.
العوامل التي أدت إلى انتشار هذه الأسطورة
مما لا شك فيه أن بُعد أسماك القرش عن أماكن انتشار التلوث قد ساعد على تكوَن فكرة أنها لا تصاب بالسرطان ولكن ازدياد المصانع المختلفة التي تتخلص من المخلفات السامة والمسببة للسرطان في مياه البحار والمحيطات بدأ يثبت عكس ما كان يعتقد الكثير من مقاومة أسماك القرش للسرطان. من العوامل أيضا ندرة الأبحاث والدراسات على أسماك القرش فهي من الدراسات الصعبة حيث أن الإمساك بعدد كافي من الأسماك يأخذ الكثير من الوقت.وحتى لو أن أسماك القرش لا تصاب بالسرطان هل هذا يعني أن أكلها أو تعاطي الحبوب التي تحتوي على مستخلص غضاريفها يساهم في علاج السرطان؛ هل يعني أنك إذا تناولت عقل أحد الأذكياء أنك ستصبح ذكي مثله ؟!
أخير؛ لا أريد أن أقول أنه لا يوجد علاج للسرطان بهذه الطريقة، لأن السرطان ليس عبارة عن مرض واحد وإنما هو مجموعة من الأمراض فأي نمو للخلايا بطريقة غير طبيعية لا يمكن التحكم فيها يعتبر سرطانا. فهناك بعض أنواع الخلايا السرطانية بطيئة النمو وبعضها سريعة النمو وبعضها الآخر مميت كما أنه من الممكن تواجدها في أماكن مختلفة من الجسم.
فالطبيعي أن لا يوجد علاج عام وموحد لجميع أنواع السرطان رغم أن كل أنواع العلاج سوف تشترك في نفس الوظيفة وهي التحكم في نمو الخلايا السرطانية ولكن القول بعلاج موحد للسرطان بهذه الطريقة قد يكون خطيراً فالمريض بحاجة إلى نمو خلايا جديدة في جسمه ولكن في وقت معين وفي مكان معين.