ما هو تاريخ عيد العمال وما أصله وماذا تعرفون عنه ؟
عيد العمال من الوثنية إلى الرأسمالية ثم الاشتراكية؛ تعرفوا في هذا المقال على تاريخ يوم العمال و أصل هذا العيد وقصته والحقائق الكاملة عنه !يوم العمال والصراع ضد الرأسمالية
في ذروة الثورة الصناعية في الولايات المتحدة الأمريكية، وخلال واحدة من أكثر الفترات كآبة وكارثية في تاريخ العمل الأمريكي، كان معدل عمل العامل الأميركي 12 ساعة أو أكثر في اليوم وسبعة أيام في الاسبوع من أجل كسب قوت يومه الأساسي فقط، ورغم القيود المفروضة في بعض الولايات على عمالة الأطفال؛ كان بعض الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 5 أو 6 أعوام يعملون في المطاحن والمصانع والمناجم في جميع أنحاء البلاد، ويحصلون على أجر قليل، وكان يُستغلُ الجميع وخاصة المهاجرين والفقراء جداً، فغالباً ما كانوا يواجهون ظروف عمل غير آمنة على الاطلاق، مع عدم توفر الهواء النقي والمرافق الصحية والاستراحات.وبازدياد النشاط الصناعي والزراعي صار هناك طلب متزايد على العمالة، فظهرت النقابات العمالية، للمرة الأولى في أواخر القرن الثامن عشر. هذه النقابات نمت وأصبحت أكثر بروزا وتأثيراً، وبدأت في تنظيم إضرابات ومسيرات احتجاج على الظروف السيئة للعمال، وأجبرت أصحاب العمل على إعادة التفاوض على عدد ساعات العمل وأجور العمال.
ففي 5 سبتمبر 1882، قام حوالي 10.000 عامل بمسيرة إلى ساحة الاتحاد في مدينة نيويورك، وكانت تلك أول مسيرة يوم عمال في تاريخ الولايات المتحدة. لكن العديد من هذه المسيرات تحولت إلى احتجاجات ثم أحداث عنف خلال تلك الفترة، وكان من ضمنها أحداث هايماركت (Haymarket) أيار عام 1886؛ حيث لقي فيها عدد من العمال ورجال شرطة شيكاغو مصرعهم نتيجة هذه الاحتجاجات، وهذه الحادثة ستكون نقطة تحول مهمة في تاريخ كفاح العمال.
وبعد خمس سنوات، وبعد إضراب عمال السكك والنقل فيما عرف بإضراب بولمان أيار عام 1894، وبعد مقتل أكثر من عشرة عمال في المواجهات، سعى الرئيس الأميركي غروفر كليفلاند لمصالحة مع حزب العمل، فصادق على تشريع لجعل يوم للعمال، وكان في أول يوم اثنين من سبتمبر-أيلول يوم عطلة رسمية للولايات المتحدة الأمريكية تكريماً للعمال؛ ثم تبعتها بعد ذلك كندا.
يوم العمال اشتراكياً وعالمياً
وفي عام 1889 قام الاتحاد الدولي للمنظمات الاشتراكية والنقابات التجارية والعمالية بتعيين يوم واحد مايو - أيار كيومٍ لدعم العمال، وذلك في ذكرى أحداث هايماركت في مدينة شيكاغو الأمريكية عام 1886.وفي الاتحاد السوفياتي، اهتم القادة بيوم العمال ودعموه، معتبرين أنه يشجع العمال في أوروبا والولايات المتحدة على التوحد ضد الرأسمالية. فأصبح يوم عطلة كبيرة في الاتحاد السوفيتي وبلدان الكتلة الشرقية، مع مسيرات رفيعة المستوى، بما في ذلك واحدة في الساحة الحمراء في موسكو برئاسة الحكومة العليا وموظفي الحزب الشيوعي الذي يحتفل بعيد العمال وعرض القوة العسكرية السوفياتية.
وفي ألمانيا أصبح عيد العمال عطلة رسمية في عام 1933 بعد صعود الحزب النازي. ومن المفارقات، ألغت ألمانيا النقابات العمالية الحرة بعد تشريع العطلة، ودمرت تقريباً الحركة العمالية الألمانية.
وفي أواخر القرن العشرين ومع تفكك الاتحاد السوفيتي وسقوط الحكومات الشيوعية في أوروبا الشرقية؛ انخفضت الاحتفالات الواسعة بهذه المناسبة في تلك المنطقة من حيث الأهمية.
الأصول الوثنية لاحتفال يوم 1 مايو/أيار أو عيد العمال !
ارتبط هذا اليوم تاريخياً في أوروبا مع مهرجانات وثنية ريفية، ولكن السبب الأصلي للاحتفال بهذا اليوم تغير تدريجياً واستبدل من قبل المنظمات العمالية بيوم العمال.ففي العصور الوسطى والحديثة، كانت عطلة يوم 1 مايو/أيار مرتبطة بالاحتفال بعودة الربيع، وشملت مظاهر الاحتفال جمع الأزهار والأغصان الخضراء، ونسج أكاليل الزهور، وإنشاء شجرة مايو/أيار مزينة، أو عامود أيار، وتجمع الناس حولها للرقص.
رسم من القرن التاسع عشر تشكيل حلقة راقصة حول عمود احتفالاً بالأول من أيار |
وعلى الرغم من أن الممارسات اللاحقة تفاوتت على نطاق واسع، إلا أن أصل هذه الاحتفالات قد يعود أيضاً إلى الطقوس الزراعية في الحضارات القديمة، فقد عقد الإغريق والرومان مثل هذه المهرجانات في مثل هذا اليوم من السنة، وقد تكون الغاية من هذه الطقوس في الأصل ضمان الخصوبة للمحاصيل، والحيوانات والبشر قديماً، لكن هذه الدلالة فقدت تدريجياً، واعتُبِر في نيو انغلاند احتفالاً وثنياً، وتم منعه. أما في وقتنا فليس هناك علاقة واضحة بين يوم العمال والاحتفالات الوثنية القديمة التي تصادفت في نفس هذا التاريخ.
اليوم فإن عشرات البلدان حول العالم، تعتبر يوم العمال عطلة رسمية، ويعتبره العمال مناسبة للمظاهرات ومسيرات الدعم لحقوق العمال.
متظاهرون متضامنون مع فلسطين، في يوم العمال العالمي، في مدينة تروندهايم في النرويج، 1 أيار 2013 |