العلماءُ ولأولِ مرةٍ يكتشفون أوعيةً جديدةً في الدماغ !
حسناً يبدو أننا لا نعرف كل شيءٍ عن أجسامنا، ففي الولايات المتحدة الأمريكية، اكتشف العلماء سلسلةً من الأوعية اللمفاوية الجديدة في الجسم، والتي تربط بين الدماغِ والجهاز المناعيِّ بشكلٍ مباشرٍ، مع أن هذه الصِّلةَ كان يعتقد العلماء في ما سبق أنها غير موجودةٍ !
يقول كبير الباحثين جوناثان Jonathan Kipnis من جامعة فيرجينيا: "في الحقيقة لم أكن أتوقع أن هناك تركيباتٌ في الجسم لم نكنْ واعين لها "
وقد تم الإعلان لأول مرةٍ عن هذه الأوعية في يونيو العام الماضي، ولكن في الغالب لم يتم ملاحظتها إلا من أصحاب تخصص العلوم العصبية، ولكن الاكتشاف عاد إلى الصدارة ثانيةً في هذا الأسبوع، عندما أظهر الفريق أن الجهاز المناعي في الواقع يمكن أن يؤثر على السلوك الاجتماعي من خلال هذه الأوعية!
ويتكون الجهاز اللمفاوي من أوعيةٍ تنقل خلايا الدم البيضاء المصممة للدفاع عن الجسم، وينقل الخلايا المناعية الأخرى في جميع أنحاء الجسم؛ وهو بمثابة اتصالٍ بين الأنسجة والدم، ويساعد على إزالة خلايا الدم الميتة والنفايات الأخرى.
ولكن على مدى عقودٍ؛ اقتنع العلماء أن الدماغ لم يكن لديه أي أوعيةٍ لمفاويةٍ، وليس لديها اتصالٌ مباشرٌ مع الجهاز المناعي على الإطلاق، وأن حاجزَ الدمِ في الدماغ هو لحِماية العضو الأكثر حيويةً من مسببات الأمراض، ولكن يبدو أن العلماء كانوا على خطأ، فقد كشف الباحثون عن أوعيةٍ لمفاويةٍ تختبئ ببساطةٍ في سحايا الدماغ، وهي الطبقات التي تغطي الدماغ.
ففي هذا الاكتشاف أخذ الباحثون النسيج السحائي الكامل لفأر، وقاموا بدراسته دون تجزئته كما يفعلون عادةً، وعندما درسوا هذا النسيج ككلٍّ تحت المجهر، لاحظ الفريق أن هناك خلايا مناعية منتشرة في العينة على هيئة أنماط تشبه الأوعية، و بإجراء المزيد من التجارب اتضح أن هذه الأنماط هي في الواقع أوعيةٌ لمفاويةٌ، و الذي كان يعتبر في السابق شيئاً مستحيلاً أو غير موجود!
و قد قام الفريق بحقن صبغةٍ في فئران مخدرةٍ، لإظهار كيفية نقل هذه الأوعية للسوائل والخلايا المناعية من السائل الدماغي الشوكي، على طول الأوردة لكي تصل إلى الغدد اللمفاوية العميقة في الرقبة - وهذا يعني اتصال مباشر بين الجهاز المناعي والدماغ.
وقد وجد الفريق أيضاً أوعية مماثلة في تشريح أدمغة الإنسان، ولكن لا تزال بحاجةٍ لإيضاح تنظيمها، ووظيفتها بشكل أكبر - و اكتشاف إذا ما كانت المفتاح لعلاج مجموعةٍ واسعةٍ من الأمراض، من الفصام إلى مرض الزهايمر.
أظهرت أحدث أبحاث الفريق أيضاً أنه بمجرد إطفاء هذا الجزء من الجهاز المناعي، فإنها يمكن أن تؤثر إلى حد كبير على سلوك الفئران، ومنعهم من التواصل الاجتماعي مع الفئران الأخرى؛ وهو ما يشير إلى دور بين الجهاز المناعي والأمراض الاجتماعية مثل التوحد، و قال (kipnis):
"نحن نعتقد أن لكل مرضٍ عصبيٍ علاقةٌ بالمناعة، وهذه الأوعية قد تلعب دوراً رئيسياً"
هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به، واكتشاف الأوعية اللمفاوية الجديدة تؤدي إلى المزيد من الأسئلة، ولكن من المثير أن يوجد الآن طريقةٌ جديدةٌ كاملةٌ لدراسة أمراض الجهاز العصبي المركزي.