النقل الكمومي أصبح حقيقة ولكنه ليس الأسرع !
يعتمد النقل الكمومي على ظاهرة تدعى التشابك الكمومي؛ والذي يعني أن جسيمان مترابطان ارتباطاً لا ينفك؛ وقياس حالة أحدهما يؤثر مباشرةً على حالة الآخر؛ ولا يهم كم يبتعدان.
وباستخدام هذه الخاصية، فإن النقل الكمومي يسمح بانتقال الحالة الكمية لجسيم ما إلى شريكه؛ دون إعطاء أهمية للمسافة التي تفصلهما، وبدون أي شيء مادي يمر بينهما !
ورغم أن عملية النقل الكمومي كانت تبدو أقرب للخيال إلا أن باحثين من النمسا قد تمكنوا عام 2012 من نقل المعلومات لمسافة 143 كم خلال الفضاء باستخدام الليزر، ولكن تلك التقنية رغم أهميتها ليست عملية إذا أردنا استخدامها على الأرض كشبكات الألياف الضوئية.
الجديد والسار في خبرنا اليوم هو تَمَكُن فريقين مستقلين من العلماء من إرسال معلومات كمية بنجاح عبر 7 كيلومترات من الألياف البصرية (الضوئية) في كل من كالغاري في كندا، وهيفاي في الصين، بشكل مستقل.
وقد أظهرت التجارب المستقلة أن النقل الكمومي على الأرض ليس حقيقياً فقط، ولكنه أيضاً تكنولوجيا قابلة للتنفيذ قد تساعدنا يوماً ما في بناء أنظمة كمية غير قابلة للاختراق ممتدة خلال المدن أو حتى القارات !
هذا ليس كالنقل الذي تراه في أفلام الخيال العلمي مثل (Star Trek)؛ فقط المعلومات يمكن نقلها بالنقل الكمومي، لا الناس.
وهذه طريقة رائعة لصنع شكل مشفر غير قابل للاختراق من الاتصال؛ فتخيل تلقيك معلومات لا يمكن تفسيرها إلا بعلم حالة جسيمك المتشابك.
في التجربتين الأخيرتين؛ المنشورتين في دوريتي (Nature) و(Photonics)، فإن الفريقين لديهما اختلاف بسيط في الأجهزة والنتائج، ولكن النتيجة المشتركة التي حصلا عليها؛ هي أنهم نقلوا معلوماتهم خلال شبكات ألياف بصرية حقيقي، وهذه الشبكات مهمة إذا أردنا بناء أنظمة نقل كمي فعال.
التجربة الكندية كانت قادرة على إرسال معلومات كمومية لمسافة 6.2 كم عبر شبكة الألياف البصرية في كالغاري (Calgary).
أخبر الباحث الرئيسي في التجربة الكندية ولفانغ تايتيل (Wolfgang Tittel) من جامعة (Calgary) في ِ(Alberta) لمجلة العالِم الجديد (New scientist):
"لقد بيَّنَّا أن هذا يعمل خلال شبكة الألياف على مدى أكثر من 6.2 كم بخط مستقيم".
أما الباحثون الصينيون فقد كانوا قادرين على زيادة مسافة الانتقال لأكثر من 12.5 كم، ولكن لديهم أدوات مختلفة قليلاً، وكان اتصالهم أكثر دقة، وقد يعمل بشكل أفضل لشبكة كمية؛ حيث حاسوب كمي رئيسي يتصل بكثير من الأشخاص حول المدينة.
كان الجانب السلبي لكلتا التجرتين أنهما لا يستطيعان إرسال كثيرمن المعلومات، وتجربة كالغاري (Calgary) كانت الأسرع، وتمكنت من إرسال 17 فوتون في الدقيقة فقط.
في ذات الوقت كثير من الناس يظن أن النقل الكمومي قد يُنتج تواصلاً أسرع؛ في الحقيقة فكُ تشفير الحالة الكمومية للجسيم المتشابك يتطلب مفتاحاً يجب أن يُرسل عبر اتصال بطيء ومنتظم، فالنقل الكمومي لا يمكن أن يكون أسرع من الانترنت الذي نملكه، فقط أكثر أمناً.
ولكن الواقع أن كلا الفريقان تمكنا من استخدام البنية التحتية للاتصالات الموجودة مُسبقاً لتحقيق هذا النقل لمسافة طويلة، كل هذا ليس بالأمر السهل، وبذلك تكون المرة الأولى التي يتم فعلها خارج المختبر.
سيأخذ الأمر كثيراً من العمل والتطوير قبل أن يصبح هذا الشيء في حياتنا اليومية، ولكننا قطعاً نقترب من هذا.