💡

سرعة الضوء ومفهوم الزمن

سرعة الضوء ومفهوم الزمن


سرعة الضوء كبيرةٌ جداً، ورغم عدم قدرة أي شيء في الكون الوصول لها؛ إلا أنها تبقى محدودة ! هل يعقل ذلك ؟

يستطيع الضوء قطع مسافة (299792 كم/ثا) أي 300 ألف كيلو متر في الثانية الواحدة تقريباً؛ فتخيلوا معي حجم الزمن الضئيل جداً مقارنةً بتلك المسافة الضخمة؛ ولكن الآن السؤال: ما الذي نستطيع نحن فعله في ثانية واحدة ؟

إذا كان الضوء يقطع خلال ثانية كل تلك المسافة؛ فإن القطاريقطع خلالها مسافة لا تزيد عن 3 سم، ويقطع الصوت مسافة لا تزيد عن 33 سم، وتقطع الطائرة مسافة تُقدر بنصف متر فقط، وتقطع الأرض حول الشمس أثناء دورانها خلال ثانية واحدة مسافه 30 متر فقط؛ فتخيل معي حجم تلك الأحداث مقارنةً بسرعة الضوء ؟

في الحقيقة لاشيء، وهذا يعتبر السبب الأساسي لجعل سرعة الضوء في نظرنا مطلقة؛ فرغم أننا نستخدم في أمثالنا عبارة (طرفة عين) للتعبير عن فترة زمنية قصيرة جداً جداً؛ إلا أن طرفة العين الواحدة هي فترة زمنية كبيرة جداً قياساً بسرعة الضوء !

وبما أن الضوء هو المسبب الرئيسي للرؤية؛ حيث يسقط على الأجسام ويعكس الأطوال الموجية للعين التي ترسلها إلى الدماغ فتحدث الرؤية، فالآن دعنا نتخيل متى نستطيع رصد وملاحظة كل الأحداث التي ذكرتها إذا كانت عملية الرؤية تستغرق الوقت اللازم لوصول شعاع ضوئي من مصدر الحدث إلى العين ثم منها إلى الدماغ ؟
في الواقع هذا يعني أننا نقرأ ونرى من الماضي دون أن نشعر؛ فجميعنا انتظرَ الضوء حتى يصل من مصدره ويسقط على الكلام أو الأجسام، ثم ينعكس للعين، وحدوث الرؤية؛ صحيح أن هذه العملية أخذت وقتاً قصيراً جداً جداً؛ إلا أنه عملياً يعتبر نظرة إلى الماضي، تأثير هذه العملية لا يظهر في الزمن المستهلك على الأرض أو العمليات الحيوية للإنسان على سطح الارض بسبب الفرق بين السرعة النسبية للأجسام على الأرض وسرعة الضوء.

ولكن التأثير أكثر ما يكون ظاهراً في المسافات الكبيرة؛ خذ على سبيل المثال الشمس؛ والتي تبعد عن الأرض مسافة حوالي 150 مليون كيلو متر؛ فإن الضوء يقطع هذه المسافة خلال 8 دقائق تقريباً !

معنى هذا الكلام أننا نرصد ونرى تأثير تفاعلات الإندماج النووي داخل قلب الشمس بعد 8 دقائق من حدوثها، وهو الزمن اللازم لوصول الشعاع الضوئي منها إلى أعيننا، وبالتالي فعلياً نحن نرى الشمس في الماضي، وعلى هذا فإن جميع أحداثنا من الماضي دون أن نشعر !

في حياتنا اليومية العادية تعتبر سرعة الضوء مطلقة وغير محدودة للفرق الكبير بينها وبين السرعات النسبية للأجسام على الارض؛ ولكن في المسافات الكبيرة لا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن الضوء يمتلك سرعة محدودة؛ فمثلاً إرسالُ رسالةٍ لاسلكية إلى مجرة أندروميدا ستستغرق زمناً وقدرهُ 2.5 مليون سنة؛ على فرض أن الرسالة أُرسِلت على شكلِ موجاتٍ كهرومغناطيسية تسيرُ بسرعة الضوء !

إذاً الزمن والضوء تحديداً عبارةٌ عن فكرةٍ نسبية مرتبطة مع بعضها ارتباطاً كبيراً، ووثيق جداً كل واحدٍ منهما يُعبِر عن الآخر بطريقة فيزيائية فريدة؛ نستطيعُ من خلالها تفسير الأحداث وتحليلها، ولو كانت السرعة النسبية للضوء مطلقة لاستطعنا مراقبة أي حدث لحظة حدوثه !

المصادر

  1. space.com
  2. universetoday.com