💡

فيزيائيون: لا؛ الكون لا يتوسع بوتيرة متسارعة !

فيزيائيون: لا؛ الكون لا يتوسع بوتيرة متسارعة !


بالعودة إلى عام 2011، وتحديداً عندما نال ثلاثة فلكيين جائزة نوبل في الفيزياء لاكتشافهم أن الكون لا يتوسع فقط؛ بل يتوسع بوتيرة متسارعة؛ وقاد هذا الاكتشاف إلى القبول العالمي لفكرة أن كوننا محكومٌ بواسطة قوة غريبة تُدعى الطاقة المظلمة؛ وقاد أيضاً إلى تغيير النموذج المعياري لعلم الكونيات إلى الأبد؛ ولكن الآن يقول فيزيائيون أن الاكتشاف قد يكون خاطئاً !

في عام 2011 كانت جائزة نوبل للفيزياء مشتركة بين علماء كونيات ثلاثة؛ وهم باول بيرلماتر من جامعة كاليفورنيا بيركلي، و آدام رايس من جامعة جونز هوبكنز، و براين شميت من جامعة أستراليا الوطنية.

وخلال تسعينيات القرن الماضي؛ كان هؤلاء العلماء الثلاثة جِزءاً مِن مجموعاتٍ مُتنافِسة؛ وكانوا يقيسون المُستعِرات العُظمى (Supernovae) السحيقة من النوع (1a)، والتي هي النهاية العنيفة لنوع من النجوم يدعى القزم الأبيض الذي يتكون من واحدة من أكثر المواد كثافة في الكون المرصود ويتفوق عليه النجوم النيوترونية والثقوب السوداء فقط.

في حين أن قزماً أبيضاً تقليدياً يكون أكبر قليلاً من حجم الأرض إلا إن لديه نفس كتلة الشمس تقريباً؛ لتكونوا في الصورة؛ تتسع الشمس لحوالي 1300000 أرضاً !

الآن تخيلوا نجماً كثيفاً ميتاً ينهار بتأثيرِ جاذبيته الخاصة؛ ستكون درجة سطوعه حوالي 5 مليارات مرة أكثر من الشمس؛ ولأن المُستعِرات العُظمى من النوع (1a) كُلها تنفجِر بذاتِ السطوع تقريباً؛ يمكننا أن نستخدم كمية الضوء الذي تبعثُهُ كي نستدل على بعدها عن الأرض؛ كما يمكن أن نستخدم الانزياحات الطفيفة في اللون (تأثير دوبلر) أيضاً كي ندرك سرعتها.

وعندما قام العلماء المذكورين سابقاً بتحليل البيانات التابعة للمستعرات العظمى (1a) المُسجلَّة بواسطة تلسكوب هابل الفضائي، وعددٍ مِن التلسكوبات الأرضية الكبيرة، وجدوا شيئاً غريباً جداً.

بمقارنة سطوع المُستعرات العظمى سحيقة البُعد، اكتشف العلماء أن المستعرات البعيدة خافتة 25 بالمئة، كانوا بعيدين جداً؛ والكونُ كان يتسارع، واعتمد الاكتشاف على معلومات جُِمعَت متفرقة عن أشياء كالعناقيد المجرية أو اشعاع الخلفية المايكروي- الشفق الخافت للانفجار العظيم.

وفي وقتٍ سابقٍ من هذا العام، وجد علماء Nasa و ESA؛ أن الكون يمكن أن يكون يتوسع بِنحوِ 8% أسرع مما كان يظن سابقاً.
على كل حال؛ الاكتشاف كان قوياً (لأخذه جائزة نوبل 2011) ولكنه طرح سؤالاً صعباً جداً: إذا كانت جاذبية المادة المنتشرة في الكون بواسطة الانفجار العظيم تُبطِئ كُلَ شيءٍ، فكيف يمكن أن تتسارع؟!

يقول براندان كول: "هناك شيء يسود الكون والذي يُمدِد الكون أسرع من استطاعة الجاذبية على جذب الأشياء مع بعضها، التأثير صغير يمكن ملاحظته فقط عندما ننظر إلى المجرات البعيدة ولكنه موجود، أصبح معروفاً بالطاقة المُظلِمة – "مظلم" لأن لا أحد يعرفه"

منذ أن اقترح العلماء الطاقة المظلمة، لم يقترب أحد من معرفة ما يمكن أن تكون.
ولكن الآن فريقٌ دوليٌّ من الفيزيائيين تناقشوا حول تسارع تمدد الكون، وحصلوا على قاعدة بيانات أكبر عن المستعرات العظمى من النوع (1a) كي يعتمدوا عليها.

وعبر تطبيقِ نموذجٍ تحليليٍّ مُختلف على المستعر الأعظم (740) والذي تم رصده بعيداً؛ استطاع الفريق تحديدِ الاختلافات الطفيفة بين المستعرات؛ كما لم يستطيعوا من قبل!

يقولون أن التقنية الإحصائية المستخدمة بواسطة الفريق السابق بسيطة جداً، ومعتمدة على تقنية ابتكرت في ثلاثينيات القرن الماضي، والتي لا يمكن تطبيقها اليوم مع نمو قاعدة بيانات المستعرات العظمى.

وذكروا أيضاً أن إشعاع الخلفية المايكروي ليس مُتِأثراً مُباشرة بالمادة المظلمة؛ فإنه يقدم دليلاً غير مباشرٍ.

يقول قائد الفريق البحثي سوبير ساركار؛ من جامعة أوكسفورد:
"حللنا الفهرس النهائي للمستعر الأعظم (1a 720) أكبر 10 مرات من العينات الأصلية، والتي يزعم الاكتشاف السابق أنه اعتمد عليها؛ ووجدنا أن الدليل للتمدد المتسارع بالأكثر هو ما يدعوه الفيزيائيين 3 سيغما (3Σ أي ثلاث عمليات جمع رياضية فقط)"
ويضيف:
"هذا بعيدٌ جداً عن المقياس (5 سيغما) المطلوب لادعاءِ اكتشافٍ ذي أهمية أصولية"
وعوِضاً عن إيجاد دليلٍ ليدعم التمدد المتسارع، فإن ساركار وفريقه يقولون أن الكون يتسارع بوتيرة ثابتة؛ إن كان هذا صحيحاً فلن نحتاج إلى الطاقة المظلمة لتفسره !
ويقول:
" بحسابٍ نظريٍّ أكثر تطوراً لِما رُصِد، فإن الكون ليس متجانساً تماماً، وإن مادته قد لا تتصرف كغازٍ مثاليٍّ ويمكن أن يحسب دون الحاجة للطاقة المظلمة"

الآن لنكن صريحين؛ هذه فقط دراسة واحدة، تُفند الفرضية القديمة، لكن تكرار الدلائل واستبدالها هو كل شيء في العلم، لأن العلم متغير، وإن كان لدينا قاعدة بيانات أكبر لنتعامل معها مما فعلنا طيلة خمس سنوات سابقة يجب أن نستخدمها لدعم أو تصحيح الاكتشافات السابقة.

والسؤال الآن هو إذا ما كان فريق ساركار طبَّقَ نموذجه الإحصائي للمعلوماتِ بأفضلِ طريقة تُمثِل العِلم؛ وعلى الأرجح ما قاموا به سيحفز مجموعةً كبيرةً من العلماء لمعرفة ما هي الحقيقة حول الكون: المتمدد المتسارع أم المتمدد الثابت!

يقول ساركار:
"بطبيعة الحال، فإن كثيراً من العمل مطلوبٌ لِيقنعَ المُجتمع الفيزيائي بهذا، ولكن عملنا يعمل على إظهار أن ركيزةً أساسيةً لنموذج الكون القياسي مهزوزٌ نوعاً ما، نأمل أن هذا سيؤدي إلى تحليلٍ أفضل للبياناتِ الكونية، وسَيُلِهِم النظريين كي يضعوا نماذجَ كونيةً أكثر دقة".

تم نشر البحث في مجلة (Scientific Reports) العلمية، وبدورنا ننوه أنها دراسة واحدة فقط، و الموضوع الآن محل خِلافٍ وجدل بين العلماء.

المصدر

  1. sciencealert.com