الصداقة ما بين العلم والواقع !
لربما تساءلتم يوماً عن سبب اختياركم لشخص ما صديقاً دون آخر، وربما توصلت دراسة جديدة للإجابة عن هذا السؤال.
فقد لاحظت دراسة جديدة أن الأصدقاءَ المقربون يتفاعلون بشكل ملحوظ مع المنبهات العفوية، مثل القنوات التلفزيونية وعمليات التفكير المتشابهة، كما وجد الباحثون أنهم يستطيعون التنبؤ بدقة بمدى قرب الشخصين فقط خلال نشاط الدماغ أثناء الرد على سلسلة من مقاطع الفيديو غير المألوفة.
وقالت كارولين باركنسون وهي أستاذة مساعدة في علم النفس بجامعة كاليفورنيا في لوس انجليس في ردها على الدراسة: "الاستجابات العصبية لمقاطع الفيديو -المحفزات- يمكن أن تعطينا نافذة لعمليات التفكير العفوية، غير المنتظمة عند إنطلاقها"، "تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن الأصدقاء يقومون بالتعامل مع العالم من حولهم بطرق متشابهة بشكل استثنائي".
هناك العديد من الأسباب التي تجعل من الغرباء أصدقاء، والعديد من هذه الأسباب تعتمد على أوجه التشابه، فيما يسمي باسم "المغناطيسيه الإجتماعية ".وفقاً للدراسة، التي نُشرت فى مجلة (nature communication) فإن الصداقات تتكون بين الأفراد الذين يتشابهون في العمر، الجنس، الأصول وعوامل ديموغرافية أخرى. وقد اقترحت الأبحاث الحديثة أنك أكثر عرضة لاختيار الأصدقاء الذين لديهم تسلسل حمض نووي متشابه معك، ولكن هل من الممكن أيضًا أن تختار أصدقاء لديهم عمليات فكرية متشابهة؟
لاختبار هذه الفرضية؛ قام الباحثون بتوظيف فصل دراسي كامل في السنة الأولى من الدراسات العُلياً، يبلغ عدده 279 طالباً لإجراء استطلاع عبر الإنترنت حول روابطهم الاجتماعية مع بعضهم البعض. تم تزويد كل طالب بقائمة بكل الطلاب الآخرين وسُئلوا أي زملاء الدراسة اندمجوا معهم إجتماعياً خارج الفصل الدراسي في الأشهر الأربعة التي تلت بدء الدراسة؟
وقد سمحت نتائج الإستطلاع للباحثين بتخطيط الشبكة الإجتماعية الكاملة لطلاب الدراسات العليا، مشيرًا إلى زملاء الدراسة الذين كانوا أصدقاء، وما إلى ذلك.
تم بعد ذلك اختيار 42 من هؤلاء الطلاب لإجراء تجربة التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وراقب الباحثون نشاط الدماغ للمشاركين بينما كانوا يشاهدون سلسلة من 14 مقطع فيديو غير مألوف، يتراوح كل منها من 90 ثانية إلى 5 دقائق، كما كتب الباحثون أن هذه المقاطع تُمثل مجموعة من الأحاسيس، وتضمنت مشاهد من مباراة لكرة القدم، وعرض رائد فضاء للأرض، وعرض سياسي، وعرض وثائقي لطفل.
عندما قارن الباحثون نشاط الأدمغة عند الطلاب؛ وجدوا أن الأصدقاء المقربين أظهروا ردود فعل مشابهة بشكل ملحوظ في مناطق الدماغ المرتبطة بالعواطف والإنتباه والتفكير عالي المستوى، وحتى عندما كان الباحثون يبحثون أوجه تشابه أخرى - بما في ذلك عمر المشاركين ونوعهم وأصولهم - لا تزال الصداقة مؤشراً موثوقاً على النشاط العصبي المماثل، ووجد الفريق أيضًا أنه يمكن استخدام الاختلافات بين استجابات الرنين المغناطيسي الوظيفي للتنبؤ بشكل موثوق بالمسافة الاجتماعية بين أي مشاركين.
وقالت كاتبة الدراسات العليا تاليا ويتلي وهي أستاذة مساعدة في العلوم النفسية والدماغ في دارتموث في بيان: "نحن جنس اجتماعي ونعيش حياتنا مرتبطة مع الجميع....إذا أردنا أن نفهم كيف يعمل الدماغ البشري، فعندئذ يتعين علينا أن نفهم كيف تعمل العقول مجتمعة - كيف تتفاعل العقول مع بعضها البعض."
إلى هنا يبقى سؤال: هل نختار أصدقاءنا بناءً على أسس معينة، أم أننا نختارهم فطرياً؟ لا يعرف الباحثون إجابة دقيقة بعد، ولكن حتى يفعلوا ذلك، اختر أصدقاءك بعناية!