كيف انخفض سعر برميل النفط الخام الأمريكي في عقود مايو/أيار الآجلة إلى السالب في التداول ؟! ولماذا حدث هذا الانهيار ؟ الإجابة في هذه القراءة التحليلية
لا شك أن ما حدث بسعر نفط خام غرب تكساس - وهو خام إقليمي لا يتداول في السوق العالمية إنما هو سعر العقود الآجلة تسليم شهر أيار - لم يفاجئ بعض الدول وبعض المطلعين على أسواق النفط؛ لِكَون ما حدث هو نتيجة طبيعية لحملة (خليك بالبيت) التي سببها فايروس كورونا ، وهذا هو السبب الرئيسي؛ حيث وصل سعر البرميل لدولار واحد في تمام الساعة 19.00 مساء 20/04/2020 وبعدها وردت أنباء عن سعر وصل إلى 37 دولار سالب وهذا السعر ليس سعر النفط إنما سعر القيمة الاسمية لتداول أسهم هذا النوع في البورصة، أما خام برنت فبرغم من أنه عرفَ انخفاضاً لليومين الماضين إلا أنه مستقر حالياً عند 26 دولار للبرميل وهذا هو الخام العالمي الذي تتعامل به مختلف دول العالم.ولتوضيح ماحدث سأسرد ما يلي
- مع أزمة كورونا - والتي بكل تأكيد قسمت الاقتصاد العالمي إلى مرحلتين: ما قبلها وما بعدها - انخفض الطلب العالمي للنفط بنحو 30٪، وهذا يعني أن حوالي 30 مليون برميل نفط أضحى فائضاً يومياً منذ نحو شهرين، وهذا ما سبب انهياراً دراماتيكياً في سعر البرميل. فدائماً هناك علاقة عكسية ما بين العرض من طرف والسعر من طرف آخر، وكلما كان العرض كبيراً وبشكل يزيد عن الطلب - حاجة السوق - من المنتج كلما انخفض السعر والعكس صحيح .
- اتفاق أوبك + الذي خفَّض الانتاج بنحو 9.7 مليون برميل يومياً كان عنوانه الفشل، نتيجة للهوة الكبيرة بينه وبين فائض العرض، لذا لم نلحظ أي تأثير يذكر على سعر البرميل.
- إن هذا الفائض يتطلب أماكن تخزين، وهنا المشكلة، فبحسب بعض الإحصائيات فإن أقصى سعة تخزينية في العالم هو 100 مليون برميل، الأمر الذي دفع بعض الدول إلى استئجار ناقلات نفط في عرض البحر وتخزين النفط فيها، حيث أن كل ناقلة تسع نحو 2 مليون برميل فقط، إلا أن تكاليف التخزين فيها يقارب 350 ألف دولار، الأمر الذي جعل تكاليف التخزين من أبرز صعوبات المنتجين والمشترين أيضاً.
- يوم 20/04/2020 هو اليوم الأخير من تاريخ استحقاق تسليم عقود شهر أيار، لذا فهو يوم التسليم النهائي للمشترين، أو عليك كمنتج ان تخسر خسائر هائلة لا سيما أنه ليس لديك مكان للتخزين، وإن وجد فتكاليفه مرتفعة للغاية.
- يوم 21/04/2020 هو بدء تداولات عقود تسليم شهر حزيران، وبالطبع فهي في سعرها المعتاد لكون استحقاقها بعد نحو شهر للتسليم، وسيكون سعرها اليوم بحدود 22$ تقريباً، وفي هذا الصدد، وكما هو معروف فإن العقود طويلة الأجل تبقى أفضل سعراً من قصيرة الأجل خاصة في هذه المرحلة كون أن هناك أملا ما بانحسار كورونا وبدء انفتاح اقتصادي عالمي شيئاً فشيئا.
- شركات النفط الصخري الأمريكية تتعمق خسارتها أكثر فأكثر، ويتوقف خروجها من السوق على مدى الدعم الحكومي لها، فتكلفة استخراج البرميل الواحد يعادل 48$، بينما سعره في السوق 22$.
- الآن، ماذا سيحدث في شهر أيار القادم، ربما نرى نفس المشهد تماماً أو اسوأ منه أو أفضل، فلا يمكن التكهن بذلك، وهذا يتوقف على مسيرة فايروس كورونا، والذي نأمل أن يكون أخف وطأة مما هو اليوم.
- جميع الدول المنتجة للنفط خاسرة وبشكل كبير و بالتأكيد فإن الرابح هو من يستهلك أكثر، فالصين وأمريكا بوجهة نظري رابحان بلا شك، وهنا أتذكر خطاباً للرئيس ترامب عندما عرض على الدول أن تستأجر مخازن لتخزين النفط في أمريكا، وبالتالي فأعتقد أن الحديث عن عدم وجود مخازن وتكلفتها الباهظة قد لا يشمل العملاقين الاقتصاديين، واعتبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تغريدة على "تويتر" أن سبب هبوط سوق الطاقة العالمية، يعود إلى الخلاف بين السعودية وروسيا حول أسعار النفط وما وصفه بـ"الأخبار الكاذبة" ، ولم يخف ترامب ابتهاجه بانخفاض الأسعار، مؤكدا أن هذا الأمر "مفيد للمستهلك"، وفي تغريدة لاحقة للرئيس الأميركي طالب الحكومة الأميركية بشراء 75 مليون برميل نفط لتعزيز الاحتياطي الاستراتيجي الأميركي من النفط !
في النهاية وبحسب رأيي هي حرب اقتصادية طاحنة ما بين المنتجين والمستهلكين لهذه المادة يمكننا تصنيفها بأنها حرب الجميع ضد الجميع !