💡

النجوم في التراث الفلكي العربي الأصيل


النجوم في التراث الفلكي العربي الأصيل
إعداد الأستاذ: وسيم البيرقدار
عضو الجمعية الفلكية السورية

إن قضية التراث قضية إنسانية عالمية فلكل أمة و شعبٍ؛ ما يختص به ويميزه عن باقي الأمم و الشعوب، فالتراث الذي تركه الأجداد والآباء للأجيال اللاحقة يتحول في ما بعد إلى موروث فكري يدخل فيه الخيال بالحقيقة بما يحمله من قصص ظاهرها غير معقول وباطنها ذو معنى وحقائق .

بعضنا ينظر لها بسخرية ولكنها تراثنا الثقافي الذي وصل إلينا من الماضي ويجب علينا أن نحافظ عليه ويكون حاضر فينا، وهذا انسب لنا من استعارة تراث غريب لا يمت لنا بصلة.
وان من الحيف الحكم المسبق على شيء قبل تصوره وتذوقه ومن ظلم المعرفة إصدار الأحكام المسبقة قبل الاطلاع والتأمل ورؤية الحجة والدليل .

فهناك صور وعبر وفوائد و شوارد و أمثال وقصص سكبت فيها عصارة ما وصل إليه الأولون.
وقد جمعت ما دار في فلك هذا الموضوع من كلام العرب في محاولة خجولة في رد الحق لأصحابه عسى أن يحمل هذا البحث صدقاً في الخبر وإنصافا في القول ويقيناً بالمعرفة.

يتناول البحث :
أولاً- رؤية العرب القدماء للتشكيلات النجمية
ثانياً- توثيق السرد القصصي بالشعر الموروث في تلك الفترة القديمة
ثالثاً- والغاية جمع ما أمكن من هذا التراث الضائع

تمهيد:
إن جميع المهتمين بعلم الفلك من هواة ومتخصصين يعلمون أن هناك أكثر من ثلاث مائة نجم يرى بالعين المجردة في نصف الكرة الشمالي، أسماؤها الحديثة والمتداولة في المحافل العلمية الغربية وعند جميع العاملين في مجال علوم الفضاء والفلك، في عصرنا هذا، هي أسماء عربية أصيلة تناقلها العرب البدو والحضر وورثها العرب المسلمون وأضافوا عليها إلى أن وصلت للحضارة الغربية التي بدورها ترجمت الاسم بنطقه فقط!

على سبيل المثال لا الحصر:
سيكما العقرب، في نياط القلب يقابله AL Niyat
كاما الرامي، النصل يقابله AL Nasl
ألفا الثور، وهو الِدبَران يقابله AL debaran
كاما الدلو، وهو من نجوم سعد الأخبية يقابله Sadachbia

والكثير من الأسماء المعروفة لديكم فالسماء الشمالية بحر تسبح به مئات النجوم ذات الأسماء العربية، و من المفارقة كون هذا الزخم والتأثير الحضاري ينحصر فقط بأسماء النجوم والغريب فعلاً ان العقل العربي لم يتمكن من إبداع تجمعات وتشكيلات نجمية كالإغريق الذين برعوا في وصف هذه التشكيلات النجمية ونسجوا أغرب القصص والملاحم من وحي خيالهم وهي تتجاوز أربعين تشكيلاً أطلقوا عليها أسماء أبطالهم الاسطورين وتناقلوها جيلاً بعد جيل حتى وصلت إلىينا.

ليس هذا فحسب بل استطاعت اختراق تراثنا في وصف السماء وأصبحت تسمع وترى هذه القصص المنسوجة من وحي حضارة تختلف عن حضارتنا العربية في جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة موجهة لجميع المستويات العمرية لم يستثنوا حتى برامج الأطفال.

هل السبب غناها بالقصص الغريبة عن مجتمعنا وعاداتنا ؟ والمطلع على تلك القصص يعلم ما فيها من تخاريف ترفضها ابسط العقول المفكرة!
هل السبب عدم وجود إرث ثقافي عربي في وصف التجمعات النجمية ؟
هل السبب التقصير الحاصل في جمع التراث الفلكي في وصف السماء ؟

طبعاً ليست المشكلة في الاطلاع على الموروث الثقافي لحضارة اخرى ولكن المصيبة اندثار مورثنا المتناقل عبر الأجيال والموثق والمسطور بديوان العرب ألا وهو الأشعار التي مازالت مدفونة في بطون الكتب الأدبية ولم تحظى في زماننا الانتقال من بطون تلك الكتب إلى عقول المفكرين والأدباء ناهيك عن المهتمين بعلم الفلك للاستفادة منها واستثمارها في شتى المجالات الفنية والعلمية على تنوعها فهي مورثونا وتراثنا الفلكي الحاضر فينا هكذا يجب أن يكون.

أولاً- رؤية العرب القدماء للتشكيلات النجمية

الحقيقة أن طبيعة معيشة العرب في الصحراء حيث الصفاء والنقاء بالعقول والسماء اجتمعا على حالة فريدة في وصف جمال وروعة تلك التشكيلات النجمية العربية المنسوجة بقصص شعبية بسيطة تحمل معاني وحكم من واقعهم وهي بعيدة إلى حد ما عن التشكيلات النجمية المسجلة والمعروفة في عصر النهضة الإسلامي وبعيدة كل البعد عن التشكيلات النجمية الإغريقية والمصرية الفرعونية.

هذه الصحراء الممتدة من اليمن عبر الجزيرة العربية إلى الجزيرة السورية وبلاد الرافدين وما يتفرع عنهم من حضر في المدن المنثورة على هذا الامتداد، كان لها تراث خاص وبنكهة شرقية لطيفة سنتذوقها من خلال ماجمعت لكم من أشعار وقصص لطيفة مازالت متوارثة عند البدو في تلك المنطقة توثقها أشعار عمالقة الشعر العربي مدعومة بصور تخيلية من عمل المستشرق والباحث الفرنسي (رولان لافيت )الذي عمل ومازال يعمل محاولا جمع هذا التراث المنثور في غيابة الصحراء العربية.

ثانياً- توثيق السرد القصصي بالشعر الموروث في تلك الفترة القديمة

نبدأ بنجم القطب و مجموعة الدب الأكبر والدب الأصغر
بنات نعش الكبرى وبنات نعش الصغرى، هذا مايطلقه العرب على الدب الأكبر و الدب الأصغر والدليل من الشعر العربي (ديوان العرب ):

* يقول المهلهل بن عتبة التغلبي (الزير ) يرثي أخاه كليب :
كَأَنَّ الْجَدْيَ جَدْيَ بَنَاتِ نَعْشٍ      يكبُّ على اليدينِ بمستديرِ
وَتَخْبُو الشُّعْرَيَانِ إِلَى سُهَيْلٍ       يَلُوحُ كَقُمَّةِ الْجَبَلِ الْكَبِيرِ

* ويقول الشاعر وضاح اليمن :
دعينا ما أممت بنات نعش من الطيف الذي ينتاب ليلا
ولكن إن أردت فصبحينا إذا أمت ركائبنا سهيلا

* ويقول النابغة الشيباني :
وَجَدْتُ أَبا رَبيعة َ فوقَ بَكْرٍ كما علت البلاد بنات نعش

*  ويقول أبو تمام
إن الرياح إذا ما استعصفت قصفت
 عيدان نجد فلم يعبأن بالرتم
بنات نعش ونعش لا كسوف لها
 والشمس والبدر منها الدهر في الرّقم

* ويقول المتنبي :
أُحادٌ أمْ سُداسٌ في أُحَادِ لُيَيْلَتُنَا المَنُوطَةُ بالتّنادِي
كأنّ بَناتِ نَعْشٍ في دُجَاهَا خَرائِدُ سافراتٌ في حِداد
أُفَكّرُ في مُعاقَرَةِ المَنَايَا وقَوْدِ الخَيْلِ مُشرِفةَ الهَوادي

وللعلم :
بنات نعش الكبرى: سبعة نجوم؛ ثلاثة منها البنات وأربعة نعش , وتسمى التي على أصل الذنب الحَوَر والتي على وسطه العناق والذي على طرفه القائد وفوق العناق نجم صغير يلاصق له يسمى السها وهو الذي تمتحن العرب به أبصارهم .
بنات نعش الصغرى هي سبعة نجوم على مثال بنات نعش الكبرى، شبهت بحملة النعش في تربيعها، أولها الجدي، ويقولون جدي بنات نعش وهو بالضم جُدي ويليه نجمان ثم النعش أربعة نجوم مربعة , منها الفرقدان وهي لا تغيب مع النجوم، بل تدور، وتنعطف في وسط السماء، حتى يبهرها ضوء الفجر، فلا تُرى.


فماذا تقول الاسطورة العربية فيهن؟
تقول الأسطورة:
أن سهيلاً قتل نعشاً، وكان لِنعش سبع من البنات، فأقسمن أن لا يدفن جثة أبيهن إلا أن يدركن ثأرهن من القاتل واتهمن الجدي بقتل أبيهم، فهرب سهيل إلى الجنوب الشرقي، وحملت أربعة بنات عذراوات نعش أبيهن، وسارت خلف النعش ثلاث، إحداهن حامل، وثانيهن برفقة طفل صغير، وثالثهن عرجاء تمشي الهوينا.
يطفن حول الجدي يطلبن الثأر منه والاعتراف بدم أبيهم وهو مازال يقف بثبات معلن براءته ولكن القاتل الحقيقي هو سهيل يظهر جنوباً قريباً من الأفق ويختفي بسرعة يشوبه بريقٌ أحمر هو دم نعش ودليل برائة الجدي وما زلن من قرون طويلة يحملن النعش، يطاردن سهيلاً، فلا أدركن ثأراً، ولا دفن جثة أبيهن، ولا استراحت أجسادهن.
هذا ماتصوره العرب القدماء عن نجم القطب و الدبين الأكبر و الأصغر والصورة التالية من المستشرق الفرنسي (رولان لافيت )


الكلب الأصغر: 
مجموعة نجمية لاوجود لها عند العرب القدماء، وأغلب النجوم التابع لها هي من ضمن كوكبة الأسد العربي:


تتشكل صورة الأسد عند العرب بالذراعين في كوكبة التوأمين والكلب الأصغر، وأنف الأسد وفمه وعينه في كوكبة السرطان، وجبهته، وزبرته وكتفه وبطنه في كوكبة الأسد، وتكتمل بوركيه وذيله في كوكبة العذراء، وساقيه في السماكين.
لذلك فإن الأسد عند العرب يغطي بقعة كبيرة من السماء.


ونجد الشعرى الغميصاء ( الشامية) من ضمن كوكب الأسد العربي ولها قصة مشهورة في البادية العربية

* يقول الشاعر :
وطالَ ثواءُ الفرقدين بِغِبْطَةٍ
أما علما أَن سوفَ يَفْترِقان
وزايلَ بين الشعريين مُصَرِّفٌ
من الدهر لا وانٍ ولا مُتَوان
فإن تذهبِ الشّعْرى العبورُ لشانها
فإن الغُميصا في بَقِيّةِ شان
ويقول :
فلم لي إذا ما الشعريان تجارتا
دموع جرت شعراً تبل شعاري
فإن عبرت تلك العبور فادمع
يطفحن وما نهر المجرة جاري
وقد أبكت الأخرى الغميصاء زفرتي
وما هجرتها اختها بجوار
ويقول :
ضَرَّجَتْه دَمًا سُيُوف الأعادي
فبكت رحمةً له الشِّعريان
ويقول :
إذا الشعرى اليمانية استنارت
فجدّد للشامية الوداد

الشعرى العبور ( اليمانية ) كانت تعبدها خُزَاعَةَ لأن النجوم تقطع السماء عَرْضاً والشِّعْرى تقطعها طولاً فهي مخالفة لها فعبدتها خُزَاعَةُ.


والأسطورة العربية تقول :
إن سهيل الشاب اليمني القوي بعد قتله لنعش وتشاجره مع زوجته الجوزاء وقتله لها استطاع السباحة وعبور نهر السماء والاختباء في جنوب السماء وحيداً لا يجاوره أي نجم ظل 'سهيل' خائفاً ومختبئاً من إخوة الجوزاء ومن بنات نعش لا يظهر إلا مرة كل شهرين ولفترة قصيرة.
وكان سهيل يلقب بزوج الجوزاء و اخو الشعراوان- أي أختاه الشعراوان- فلما علمتا بهربه لحقاه واستطاعت احداهما السباحة وعبور نهر السماء واقتربت منه فلقبت بالشعرى العبور لعبورها النهر واليمانية لأنها على يمين النهر ، إلا أن الأخت الأخرى بسبب وهنها وضعفها لم تستطيع أن تعبر النهر وبقيت في مكانها شمالي النهر وراحت تبكي على أخيها دهوراً حتى "غمصت" عيناها، وتسمى الشعري الغميصاء (الشامية) لأنها استقرت شمال النهر.

هذا ماتصوره العرب القدماء والصورة التالية من المستشرق الفرنسي (رولان لافيت )


ونلاحظ اهتمام العرب بالنجوم اللامعة النيرة وحركتها عبر السماء بشكل واقعي بإسقاط قصصى سهل من وحي الواقع الحياتي الصحراوي

الثريا:
هذا مايطلقه العرب على الثريا المعروفة و على بعض النجوم من كوكبة قطيس ( الكف الجزماء) ومجموعة من كوكبة ذات الكرسي


* يقول امرؤ القيس
إذا ما الثريا في السماء تعرّضت
تعرّض أثناء الوِشاح المفصَّل

* ويقول المتنبي
كَمْ تَطْلُبونَ لَنَا عَيْبَاً فَيُعْجِزُكُمْ
وَيَكْرَهُ اللَّهُ ما تَأْتُونَ والكَرَمُ
ما أَبْعَدَ العيب والنُّقْصَانَ عنْ شَرَفي
أَنَا الثُّرَيَّا وّذَانِ الشَّيْبُ والهَرَمُ

* ويقول الشاعر
وكللها الإكليل تاجاً مرصعاً
عليها نظام النجم در نثار
وأبرزت الكف الخضيب مختماً
وصاغت هلال الأفق طوق نضار
وقد ودعت كف الثريا بمعصم له
الشفق المبيض شكل سوار
والعرب عندما يقولون النجم فقط يقصدون الثريا

* قال الشاعر :
ويوم من النجم مسـتـوقـد
يسوق إلى الموت نور الظبا.
وأيضا :
إن النجم أمسى مغرب الشمس طالعاً
ولم يك في الآفاق برق ينـيرهـا

* قال الشاعر المبرد
إذا ما الثريا في السماء تعرضت
يراها الحديد العين سبعة أنجم
على كبــــــد الجرباء وهــــــــي كأنها
جبيـــــــــرة در ركبت فوق معصم
والجرباء هي : السماء .

تقول الأسطورة العربية:
إن (نجم) الدبران شخص فقير قد أبهرته (الثريا) بجمالها فذهب إلى القمر وطلب منه خطبتها
فاستجاب القمر وذهب إليها، لكنها رفضت وبعد أن ألحّ عليها القمر قالت "ما أصنع بهذا الفقير الذي لا مال له؟
فعاد القمر وأخبر الدبران بما حدث لكن الدبران أصرّ على الزواج منها. ولم يكن يملك إلاّ غنماً، فأخذه كله إلى الثريا لكي تقبل بالزواج منه والعشرون غنمةً التي ساقها الدبران إلى الثريا هي ما أصبح يُسمى "بالقلاص" أو "القلائص"، والذي أصبح اسماً لعنقود نجمي يظهر قريباً من الدبران في السماء، والنجمان القريبان من الدبران هما كلباه، والذين اصطحبهما معه ومع الأغنام. ولكن كان العيوق له بالمرصاد منعه من الوصول لها وهكذا أصبح الدبران يدبر (يتبع) الثريا في السماء إلى الأبد ومعه أغنامه، ولكن الثريا قلبها معلق بسهيل الذي فضل عليها الجوزاء ورأت فرصة بعد مقتلها بالزواج من سهيل وبهذا أصبح الدبران رمزاً للوفاء، في حين أن الثريا أصبح رمزاً للغدر، وقد جاء في بعض الأمثال العربية: "أوفى من الحادي (الحادي الدبران) وأغدر من الثريا.

 هذا ماتصوره العرب القدماء عن الثريا والصورة التالية من المستشرق الفرنسي (رولان لافيت ):


نلاحظ مما سبق أن للعرب القدماء مخيلة ورؤيا مختلفة في رصف النجوم ضمن شكل معين يخدم حركة النجوم الشهرية عبر مرور السنة ويربطها بأحوال الجو بما يخدم ترحاله بالصحراء وزراعته بالحضر وضمن سرد قصصي فريد يخدم الموضوع ونلاحظ الفرق بين التراث العربي الأصيل وغيره اللاحق إن كان في عصر النهضة الإسلامية أو الغربية المتأثرين بالإغريق ويتجلى الاختلاف بكوكبة الجبار فهو عند العرب الأولين يعرف بالجوزاء وعند العرب المتأخرين بالجبار وعند الغربيون اخذ الاسم الإغريقي أيضاً اوريون، وقد شملت كوكبة الجوزاء القديمة بحسب تصور العرب معظم كوكبة الجبار الحالية بالإضافة إلى جزءٍ من كوكبة التوأمين الحديثة.



ورأوها على أنها امرأة جميلة بيدها القوس ربما للصيد أو حتى للقتال وزوجة سهيل ذلك النجم اليماني كما سبق.



كما تشاهدون اختلاف شكل الكوكبة بختلاف المجتمع واختلاف مخزونه الثقافي.

كوكبة الراعي
تشمل الحوّاء والحيّة مع الجاثي على ركبته، فقد تخيل العرب القدماء نجوم هاتين الكوكبتين، فهي نسقان من النجوم تسمّى النسق الشامي والنسق اليماني وبينهما بقعة تسمى الروضة وألمع النجوم في هذه الروضة هو الراعي وكلباه، والنجوم الباقية هي الأغنام والخافتة منها هي النَقَد أي صغار الأغنام.


والعرب في العادة إذا شبّهت مجموعة من النجوم بنوع من الحيوانات فهي تسمِّي النجوم الخافتة منها بأسماء صغارها، مثل الظباء وأولاد الظباء، والضباع وأولاد الضباع، والخيل وأفلاء الخيل، وهنا نجد أن العرب سمّت مجموعة النجوم في الروضة بالأغنام والخافتة منها بالنَقَد.

ومثل هذه الرؤيا العربية لهذه الكوكبة الكبيرة لم اجد لها في التراث قصة تدل عليها
والكثير من الكويكبات النجمية حالها نفس الحال ....

ثالثاً

كما قرأنا وشاهدنا هذه المفارقة الكبيرة التي تمتاز بها رسومات السماء عند العرب القدماء عن غيرهم من الشعوب، ورغم أن ثقافتهم تتميز بتقليد عريق في تأمل القبة السماوية، وبأن ثلثي الأسماء الشائعة للنجوم وتشخيصاتها في شتى أنحاء العالم عربية الأصل، فإن المفارقة تتمثل في أن هذا الميراث الغني الذي تنتمي إليه هذه الأسماء لا يزال مجهولاً إلى حد كبير.

ويحتاج إلى من يكشف الغبار المتراكم على هذه الدرر والنفائس الفلكية التي تغنينا عن اللجوء إلى التراث الفلكي للامم المجاورة وذلك بتتبع هذا التراث المنقول مشافهة بين العشائر والقبائل العربية الغارقة في الصحراء والتي اليوم اقرب الى التمدن والاندثار وبين طيات المخطوطات الموزعة في أوروبا وفرنسا حصراً يلتمس منها الأوربيون ويتحفونا بما لديهم من معلومات عن أسلافنا وتراثنا العلمي والفلكي بين الفينة والفينة واقعين بأسر جهلنا بماضينا وانشغالنا بما يقدمه الغرب من ماضي له يسوقه لأغراض لا تخفى على احد.

مما سبق يتبين أن هذا الموضوع من الأهمية بمكان وينبغي أن تتوجه إليه الجهود ويحظى بالعناية والاهتمام وبهذا أكون قد انتهيت من كتابة هذا البحث ولم أتمه وأسال الله أن أكون قد وفقت فيما قدمت على أمل إتمامه عندما تتوفر المعلومات اللازمة.