💡

العلماء يبتكرون دماغاً صناعياً يعالج الشلل !

العلماء يبتكرون دماغاً صناعياً يعالج الشلل !


ابتكرَ فريقُ عملٍ مشتركٍ من الباحثينَ من سويسرا وألمانيا دماغاً صناعيَّاً يمكن بواسطتهِ التغلُّب على حالاتِ شللِ الأطرافِ السفلية الناتجة عن إصاباتِ الحبل الشوكي.

وظيفةُ الدماغِ الصناعيِّ هي تسجيل المعلومات الخاصة بالحركة من مركزها في منطقة القشرة المخية عند نشأتها كإشاراتٍ كهربائيةٍ يعقب بعد ذلك استحثاثٌ كهربائيٌّ للأعصاب الحركية في الحبل الشوكي؛ إذ تمثل بهذه المنظومة لأولِّ مرةٍ بديلاً عصبياً لاستعادة الحركة في الرئيسيات، وقد أجريت التجارب على اثنين من قرود "مكاك ريسوس" المصابين بالشلل، مما أعطاهم القدرة على المشي مرةً أخرى.

في الحالات الطبيعية، تتولد أثناء المشي إشاراتٌ كهربائيةٌ من منطقة القشرة المخية لتنتقل بعد ذلك إلى المنطقة القطنية في الحبل الشوكي، وعند وصولها يتم تفعيل الأعصابِ الحركية التي تعملُ على تنسيقِ الحركة بين العضلات المختلفة للأرجل والقدمين، لينتج عنه المشيَ بصورةٍ سليمةٍ. ولكنَّ بعضَ الإصابات التي تحدثُ للجزءِ العُلويًِ من الحبل الشوكي تفصلُ ارتباط المخِّ بالجزء السفلي منه، مما يعني عدم وصول أيَّةِ إشاراتٍ إلى هذا الجزء، وبالتالي فقدانُ القدرة على الحركة.

كانَ الهدفُ الأساسيُّ من هذا الابتكار هو استعادةُ الحركةِ الطبيعية للأرجل عن طريق استقبال الجزء السفلي من الحبل الشوكي للرسائلِ العصبية من المخ. لكن بالاعتماد على طرقٍ أخرى غير المعتادة التي أصبحت كالأسلاك المتقطعة.

تضمنت التجارب زراعةُ قطبٍ كهربائيٍّ صغير في المخ يعمل بمثابة محطةِ استقبالٍ للإشاراتِ الكهربائية التي تنشأ من القشرة المخية، ثم يقوم مستشعرٌ لاسلكيٌّ بإرسال هذه الإشارات إلى جهاز كمبيوتر لفكِّ شيفرة هذه الإشارات ثم إرسالها لاسلكياً مرةً أخرى إلى مُستحِثٍّ كهربائيٍّ مزروعٍ في المنطقة القطنية أسفل المنطقة المصابة؛ لتحفيز الأعصاب الشوكية حتى تستجيبَ العضلاتُ لها بالحركة.

وللتأكد من محاكاة هذه المنظومة لما يحدث في الواقع مع الحالات غير المصابة، قام الباحثون بزراعة وصلةٍ عصبيةٍ في أحدِ القرودِ السليمةِ ليروا ما إذا كانتِ الإشارات التي يرسلها الدماغ مطابقةً لتلك الإشارات المرسلة في حالة القرود المصابةِ أثناءَ المشي. وقاموا بالمقارنةِ مع قردين مصابين بإصاباتٍ في الحبل الشوكي تمنعهما من المشي بصورةٍ طبيعيةٍ ولكن بمساعدة الوصلة العصبية بدأ القردان بالمشي تلقائياً بصورةٍ مبشِّرةٍ.

يعتبر هذا نجاحاً أولياً هائلاً بالرغم من بعض التحديات التي تقابل تطبيق النظام على حالاتٍ خارج معامل التجارب، فعلى الرغم من أن الوصلةَ العصبية تعتمدُ على إشاراتٍ لاسلكيةٍ إلا أنها لازالت تحتاجُ إلى جهاز كمبيوتر لفك شيفرة الإشارات القادمة من المخ، والعقبةُ الأصعب من ذلك هي أن الإشاراتِ اللاسلكيةَ تعملُ في اتجاهٍ واحدٍ فقط أي أنها تسير في اتجاه العضلات من المخ وليس العكس، ومن البديهي تماماً أن المشيَ بصورةٍ طبيعيةٍ يعتمدُ على المعلومات التي تُرسلها الأقدام مرةً أخرى إلى المخ. هذه المعلومات مهمةٌ جداً في الحفاظ على التوازن والتنسيق بين سِعَةِ وسرعةِ الخطوات.

في حين أن هذا الاتصالَ اللاسلكيَّ بين المخ والحبل الشوكي لم يتم تجربته إلا على قرود المكاك حتى هذا الوقت، إلا أن فريقَ العمل يُعوٍلُ على هذه التكنولوجيا التي من الممكن أن تكون حلاً ناجعاً لمشاكل المصابين بشللِ الأطرافِ.

تدقيق لغوي: محمد طحان

المصدر

  1. sciencealert.com