💡

المستعر الأعظم الألمع في الكون ربما كان نجماً يمزقه ثقب أسود !

المستعرُ الأعظمُ الألمعُ في الكون ربَّما كانَ نجماً يمزقه ثقبٌ أسود ! 


ذلك اللَّمعانُ الموجودُ في السماء، والذي تمّ الكشفُ عنه بداية عام 2016؛ والذي أُطلق عليه (ألمعَ ثقبٍ أسود تمَّ رصده على الإطلاق)، مع درجةِ لمعانٍ أكبر من مجرتنا درب التبانة بأكملها، ربما كان شيئاً أكثر غرابة مما توقع العلماء!

فوفقاً لدراسةٍ حديثة؛ قد يكون ثقباً أسوداً هائلَ الكتلة يقوم بتمزيق واستهلاك نجمٍ يقع قريباً جداً منه !

اللَّمعان تمّ رصده في عام 2015 بواسطةِ تقنية مسح السماء الآليِّ للثقوب السوداء (ASAS-SN)، وهي شبكةٌ من التلسكوبات الصغيرة الموجودة في تشيلي، و هاواي، ترصد السماء للبحث عن أجسامٍ سريعة التغير أو اللمعان.

علماء الفلك افترضوا في ذلك الوقت أنه سوبر نوفا فائق اللمعان (superluminous supernova)، والذي يحدث عندما ينهار نجمٌ عالي الكتلة في نهاية حياته؛ قاذفاً للخارج كرةً ضخمةً من الغبار الساخن والغاز الذي يضيء بشدّةٍ لوقتٍ قصيرٍ قبل أن يختفي تدريجياً، ذلك اللمعان اعتُبِر ألمعَ مرّتين من ألمع مستعرٍّ تمّ رصده في التسجيلات السابقة.

لكن (ASASSN-15lh)، كما سُمّي، كان في المجرّة الخاطئة لحدوث مستعرٍّ أعظمٍ شديد اللمعان، فالنوع المفترض حدوثه فيه هو مجرّةٌ قزمةٌ مليئةٌ بالغاز والغبار، حيث يمكن للنجوم الكبيرة أن تتشكّل بسرعةٍ، وتحترق بلمعان، ثم تنفجر مطلقةً السوبر نوفا العظيم.

وعلى الرغم من ذلك، كان ذلك المستعر (ASASSN-15lh) في مجرّةٍ عجوز محترقةِ النجوم، مع بعض الدَّلالات على تكوّن النجوم، وقد صرّح جيورجوس لولدوديس، وهو عالم فلك:
"اللحظة التي قالوا لي عن ذلك الحدث، لقد كنت مرتاباً، لقد بدا لي أنّ هناك خطباً ما"، مع العلم أنّه لم يكن في الفريق الأصلي.

لولدوديس و زملاؤه بدؤوا بجمع المزيد من المعلومات من المصادر المختلفة، متضمّناً الأقمار الصناعية التي تطلق أشعةَ غاما، و شبكة مراقب لاس كومبرس، و مرقب هابل الفضائي، والمعلومات الواردة من هابل أظهرت أنَّ مصدر اللمعان كان قريباً جداً من مركز تلك المجرة، بينما تكوّن النجوم السريع الذي يتسبب في إنتاج السوبر نوفا شديدة اللمعان عادةً في الأطراف.

أيضاً، على عكس السوبر نوفا شديد اللمعان العادي، بدا أن (ASASSN-15lh) اختفى قبل أن يظهر مرّةً أخرى بعد أسابيع، مُظهراً ارتفاعاً في درجة الحرارة استمرَّ لأكثر من مئة يومٍ.

لولدوديس يقول:
"طيفُ الأشعة فوق البنفسجية الخاص بالحدثِ المرصودِ من قِبل هابل، أوحى لنا بوجود نجمٍ أوّليٍ قليل الكتلة في بدايات حياته، و ليس في مرحلة الموت".

و حسب بيان الفريق على مجلّة (Nature Astronomy)، كلُّ هذه الدلائل تشير إلى أنَّ (ASASSN-15lh) هو في الحقيقة عبارةٌ عن جزءٍ ميتٍ من نجمٍ يسقط داخل الثقب الأسود هائل الكتلة يقع في مركز المجرّة، وقد تمزق بفعل حقول الجذب القويّة، يسمّى الحدث الاضطرابي المتأرجح (TDE)، وهذا الحدث يكون نادراً جدّاً، لم يُرصد إلا عشرةً منهم حتّى الآن.

لكن، لولدوديس يقول:
"التغيّرات التي تحدث في ASASSN-15lh تقترح حدثًا اضطرابيّاً؛ الموجة الأوّلية من اللمعان تمزّق النجم و تحرق بقاياه بدرجات حرارةٍ عاليةٍ: البقايا الناتجة عن الانفجار تحترق مرّة أخرى ثمّ يتراكمون على سطح الثقب الأسود".

العيب الوحيد في هذه النظرية أنّ المجرة التي نتحدّث عنها يجب ان تمتلك ثقباً أسوداً هائلاً في مركزها أكبر بمئات ملايين المرّات من كتلة شمسنا، ويتوقّع الباحثون النظريون أنّ مجرّد ثقب أسود بحجم سفينةٍ ضخمةٍ سيقوم على الأرجح بابتلاع نجمٍ بالكامل، و سيقوم بقذفه للخارج فقط إذا كان تحت أفق الحدث حيث يمكن رؤيته، و لكن الفريق أدرك أنَّ هناك سيناريو محتملاً آخر حيث يمكن للثقب الأسود أن يُمضَغ أوّلاً ثم يبتلع لاحقاً، إذا كان يدور، فالمجالُ الجذبي حول ثقبٍ أسودٍ يدور مختلفٌ عن الذي لا يدور، ويمكن أن يسمح للحدث الاضطرابي أن يحدث.

إذا كان من المؤكّد أنّ هذا مصير (ASASSN-15lh)، فسيكون أوّل ثقبٍ أسود دورانيٍّ معتمدٍ في مركز مجرّة هادئةٍ.

الفريق سيستمر في متابعة (ASASSN-15lh) آملاً بمعرفة المزيد عن نهايتها المبهرة التي ستنير بقيّة المجرّة، و لأنّ الأحداث الاضطرابية تحدث حول ثقوب سوداء أصغر، فإن (ASASSN-15lh) يوسع مجال الأماكن التي تحدُث فيها الأحداث الاضطرابية، وذلك "بإضافة التنوّع، سوف نتعلّم المزيد عن الفيزياء التي تحدُث خلال الاضطراب". يقول لولدوديس.

و قد قال عالم الفلك بينني تراكتنبروت من المعهد السويسري للتكنولوجيا في زيوريخ:
"هذه الظواهر الجديدة من الحدث الاضطرابي المتأرجح تعطينا فرصةً فريدةً لمعرفة المزيد عن الثقوب السوداء هائلة الكتلة خلال الفترات الهادئة". إذا كنت تريد أن تحدّد مدى قُرب النجوم الاضطرابية، يقول:
"هذا يمكنه أن يخبرنا بمدى سرعة دوران الثقب الأسود"، والدوران يمكنه أن يكشف شيئاً من تشكيلة تاريخ ثقوبنا السوداء.

عموماً لا نزال كلَّ يومٍ نرصدُ ظواهرَ جديدةً، ونتعلّم مزيداً عن كوننا الفسيح، آملين في أن نصل إلى سرٍّ جديد من أسرار كوننا الغامض!

تدقيق لغوي: محمد طحان

المصدر

  1. sciencemag.org