البعد الرابع ونظرية الأوتار !
جميعنا يعلم وجود ثلاثة أبعاد مكانية رئيسية هي (س،ص،ع)؛ ولكن هل هناك بعدٌ رابع؟
لو تخيلنا أنك متجه بالصورة التالية (س،ص،ع،ك)؛ فَهل البُعد الرابع (ك) موجود فعلاً أم أن الكون مؤلف من ثلاثة أبعاد فقط؟
الجواب هو نعم يوجد بعدٌ رابعٌ في الكون، ولكنه ليس مكاني بل زمانيٌّ، فاذا قُلنا أن البُعد الرابع زماني، فإنه بإمكاننا تَخيُّل الوضع وكأنهُ سلسلة أحداثٍ أو مشاهد من فيلم، ذلك أن شكل الجسم في لحظة معينة قد يختلف عن اللحظة التي تليها، وأقصدُ بشكل الجسم حالته الفيزيائية من حيث ارتباط الموقع مع الزمن.
والسببُ لذلك بسيطٌ جداً، لأن البعد الرابع (الزمن) مستقلٌ ونسبيٌّ حسبَ تعريف أينشتاين للزمن؛ فإن الزمن قد يختلف باِختلاف المُراقِب ،فَمُمكِن أن يمضي على جسم من بداية حركته 5 ثوانٍ؛ بينما تمضي نفسها بالنسبة لجسمٍ آخر على أنها 3 ثوانٍ؛ والسبب أن الزمن نسبيٌّ لِمن يقيسهُ، وهذا البعد الذي تطرق له أينشتاين في نظريته النسبية.
السؤال الآن هل يمكن أن يكونَ البُعد الرابع مكانياً ؟
لنأخذ مثالاً بسيطاً لو قلت أنني أملك قطعة مُستقيمة؛ وهي عبارةٌ عن عددٍ لا نهائي من النقاط المُرتبة في بُعدٍ واحدٍ، ولو قُلت أن الأجسام ثنائية الأبعاد كالمُثلث والمُربع فهي تتألف فعلاً من مجموعةٍ مِن قطعٍ مُستقيمةٍ وكل هذه الأجسام تعيشُ في عالمٍ ثُنائي الأبعاد، وترى بعضها البعض كخطوط مستقيمة؛ فهي تؤلف البعدين (س،ص) السيني والصادي فقط، وتَبَرمَّجَ عقلها على أن الكون مؤلفٌ مِن بُعدين فقط !وتستطيع كل هذه الأجسام التحرُك بِحُريةٍ داخلهما فقط يساراً ويميناً، ولكن لا تستطيع أن تتخيلَ أبداً الاتجاهين الأعلى والأسفل؛ لذلك دائماً الأجسامُ ذات الأبعاد الأعلى تستطيع رؤية الأجسام في البعدِ الأقل منها بكلِ وضوحٍ وملاحظة الحركة ورصدَها بشكلٍ واضحٍ جداً، والعكس غيرُ ممكنٍ أبداً فإذا مرَّ جسمٌ ثلاثي الأبعاد من العالم الثنائي الابعاد فإن جميع الأجسام داخل العالم ثُنائي الأبعاد لن تستطيع أن تراهُ أو تتخيله على حقيقته، وسوفَ ترى مسقطَهُ وانعكاسَهُ لديها فقط؛ فتلاحظهُ وكأنهُ خطٌ مستقيم !
هل وصلتكم الفكرة :) ؟
من هنا لا أستطيع أن أقول إلا أن فكرةَ وجودِ بُعدٍ رابع مكانيّ هي فكرة غير مقبولة منطقياً وفيزيائياً، وإذا كان الجسمُ رباعي الأبعاد موجوداً، فإننا لن نستطيع أن نرى منه في عالمنا هذا سوى انعكاسه فقط!
مفهوم البعد الرابع وعلاقته بنظرية الأوتار !
الحديثُ عن مفهومِ البُعدِ الرابع الزمانيّ مكانيّاً ما هو إلا فلسفة منطقية لا يوجد لها استناد علمي أو مُعادلاتٍ رياضية جبرية تؤيد مفهوم البُعد الرابع مكاناً، ولكن (فرضية) نظرية الأوتار أو ما يعرف باسم (string theory) التي تفترض أن المادة مكونةٌ من أوتارٍ صغيرةٍ من الطاقة، والتي تعتبر أيضاً أن القوتين الكهرومغناطيسية، والجاذبية قوة واحدة؛ قائمة افتراضاً على وجود إحدى عشرَ بُعداً: الأبعاد الثلاثة التي تحدثُت عنها سابقاً (س،ص،ع) والزمن (ز)، وسبعة أبعادٍ أخرى.إلا أن هذه النظرية (الفرضية) ما زالت غير مثبتة وقيدَ التطوير، وهي مبنية أيضاً على فرضٍ آخر؛ وهو أن عالمنا المُكوَّن مِن ثلاثةِ أبعاد مُتجاورٌ مع عوالِم أخرى، وهذا ما يُكّوِن البُعد الرابع، كما أن عالمنا ثلاثي الأبعاد يتكونُ مِن عوالم لانهائية ثنائيه الأبعاد.
وقد أثبتت التجارب العلمية الخاصة المُتعلِقة بِمُعادلةِ انتشار الموجات أنه لابُدَّ وأن يكونَ الزمنُ هو البعد الرابع المرافق للأبعاد الثلاثة الرئيسية.
مفهوم الزمكان !
إذاً الزمان والمكان هما الأصل لتركيبٍ فضائيٍّ واحدٍ رُباعي الأبعاد يسمى وصف مينكوسكي أو الزمكان، حيث أن كُل مُتغيرٍ داخل الزمكان يشتق بدلالة الأبعاد الأربعة وليس فقط بدلالة الزمن كما هو معروف كلاسيكياً.إذاً في الزمكان الطاقة الحركية وزخمُ الحركة لهما أصلٌ واحدٌ وهو مقدار رباعي الأبعاد؛ البُعد الزماني له يمثل الطاقة الحركية، والبُعد المكاني له يمثل زخم الحركة وهكذا..
فهو مفهوم ينطبقٌ على كثيرٍ مِن المقادير الفيزيائية كما أن لِكُلِ مقدارٍ فيزيائيٍّ في هذا الزمكان مُرافقٌ؛ بمعنى أن كُل قيمة ومقدار فيزيائي فيه هو ناتجٌ مِن مركبتين من الزمان والمكان؛ فعلى سبيل المثال: السرعة مُرافِقة للطاقة، والكتلة مُرافِقة للزخم، والضغط مرافق للحجم؛ وأي اشتقاقٍ بين أي مقدارٍ فيزيائيٍّ ومُرافقه بالنسبة لأحد المركبتين داخل الزمكان سيعطي حتماً قيمه فيزيائيه حقيقية مُعلِناً عن أن البُعد الرابع زمانياً مُرتبِط ارتباطاً وثيقاً بالمِكان والنسبة بينهما دائماً منطقيةٌ لتكوين علاقةٍ لوجستية بين الزمن والسرعة!